إذا مارست التمارين الرياضية كل يوم، ستكتسب عضلاتك مرونة وقوة إضافية بالتدريج، كذلك تعمل المرونة النفسية بطريقة مشابهة، فكلما تدربت على ممارسة المرونة في العمل ستكتسب "عضلات نفسية" وتصبح أقوى يوما بعد يوم. في هذه المقالة نشارككم تعريف المرونة النفسية وأهمية المرونة في العمل للقادة والموظفين، بالإضافة إلى طرق بناء المرونة النفسية، وكيف تصبح مضاداً للصدمات بشكل كامل!
ما هو تعريف المرونة؟
يتم تعريف المرونة في علم النفس الإيجابي بأنها قدرة داخلية على التعافي والتكيف بسرعة من الإجهاد أو الضغوطات أو حادث أليم.
وبشكل عام، يعتبر الشخص مرناً إذا كان:
لديه وجهة نظر إيجابية دائمة.
يتعامل مع كل موقف صعب يواجهه بسهولة.
لا يُظهر المشاعر السلبية المُفرطة في الأوقات العصيبة.
أهمية المرونة في العمل
مهارة المرونة مطلب أساسي للمشاريع اليوم، لأن الموظفين المرنين نفسياً يمكِّنون المؤسسات من الحفاظ على الأرباح وتحقيق التنافسية، حتى في الأوقات المضطربة.
يمكن أن تساعد المرونة في العمل الأشخاص على النمو والتطور والتعافي من التجارب الصعبة وتجاوز مشاكل التعبير.
ووفقاً لـ" BetterUp Labs" فإن مهارة المرونة لدى الموظف مرتبطة بانخفاض التوتر لديه، في حين أن الأشخاص ذوي المرونة المنخفضة أكثر عرضة للإجهاد بـ 4 مرات.
ويرى 65% من الموظفين في الولايات المتحدة بأن العامل الأول المتسبب بالضغوطات في حياتهم هو الوظيفة.
يتسبب الإجهاد بخسائر فادحة في القوى العاملة، وبـ 120 ألف حالة وفاة مبكرة سنوياً في الولايات المتحدة فقط، ويستحوذ على 5-8% من إجمالي تكاليف الرعاية الصحية الوطنية السنوية فيها.
ترتبط المرونة أيضاً بزيادة التعاون والرضا الوظيفي والالتزام التنظيمي، لأن الأشخاص الأكثر قدرة على التعافي من التوتر والشدائد يمكنهم غالباً تطبيق هذه المهارات في مكان العمل، والمحافظة على تركيزهم حتى في أحلك الأزمات، وكل ذلك ينعكس إيجابياً على الإنتاجية في العمل.
وتؤثر المرونة النفسية لدى القادة على كيفية قيادتهم، وعلى أداء ومشاركة فرقهم، فعندما يتعرض القادة للضغط، ينبغي لهم التصرف بشكل قيادي مثل تحديد أهداف طموحة وبث الشعور بالثقة وتوزيع الأدوار وتقديم أفكار إبداعية.
لكن القادة المرهقين يتخذون نهجاً سلبياً، يتثمل في سلوكيات مثل تجنُّب اتخاذ القرارات، أو الإلقاء باللوم على الآخرين.
طرق بناء المرونة النفسية في العمل
إن لم تجد في نفسك صفات المرونة النفسية، فلا تقلق، لأنها مهارة قابلة للتعلم، ويؤكد موقع BetterUp أن بإمكانك اكتساب مهارة المرونة خلال 3-4 أشهر فقط من التدريب. ويقترح بعض طرق بناء المرونة النفسية، ومنها:
1. انتبه لصحتك وصحة موظفيك
العلاقة بين الصحة والمرونة النفسية علاقة طردية، حيث تزداد مهارة المرونة بمقدار 5 مرات عندما تكون متمتعاً بصحة جيدة، وبالمقابل تساعد المرونة في تحسين الشفاء الجسدي.
ترتبط الصحة الجيدة أيضاً بتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة بانتظام والنوم الكافي، فالموظفون الذين يحصلون على قسط كافٍ من النوم تزداد قدرات تحملهم بمقدار 4 مرات.
إذا كنت في منصب قيادي، ينبغي لك تشجيع الموظفين على الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، والخروج للطبيعة وأخذ فترات راحة خلال العمل وحتى زيادة وقت الإجازة إن شعروا أنهم بحاجة لذلك.
2. مارس تقنيات الاسترخاء
تدريب العقل على البقاء مسترخياً جزء مهم من تمارين المرونة النفسية، من طرق ممارسة الاسترخاء:
تخصيص وقت للأصدقاء والعائلة.
ممارسة الأنشطة التي تساعدك على الاسترخاء مثل الرسم أو البستنة.
ممارسة تمارين التنفس العميق.
3. حوِّل التهديدات إلى تحديات
يشير التقييم المعرفي إلى الطريقة التي ننظر بها إلى حدث أو موقف، ومعناه بالنسبة لنا وما نحتاجه لتجاوزه.
وعندما ترى أمراً ما على أنه تحدٍ، ندرك إمكانية النمو وأن لدينا ما يلزم للتعامل مع الوضع، وينتج عن ذلك مشاعر مثل الترقب والإثارة وطاقة تحفيزية لحشد الناس وحل المشكلات.
لكن عندما ترى موقفاُ ما على أنه تهديد، تسيطر عليك مشاعر مثل الخوف والقلق والغضب، ونرغب بالقتال أو الهروب، وندرك أن الوضع خارج عن سيطرتنا.
بالنسبة للقادة، فإن نشر ثقافة المرونة في بيئة العمل يساعد على الحد من مشاعر الخوف والقلق، وإبقائها دوماً كأولوية قصوى في التعامل مع جميع المواقف.
إحدى طرق تعزيز ثقافة المرونة في العمل وفقاً لـ "هارفرد بيزنس ريفيو" هي تطوير ثنائية "السلوك/الاستجابة".
تبدأ هذه التقنية بتحديد سلوكيات العمل الهشة الشائعة، مثل طرح الأسئلة أو تقديم الملاحظات والآراء، ثم تحديد نمط الاستجابة الإيجابي لكل سلوك وتوثيقه ضمن دليل إرشادي قابل للتطوير.
4. ابقَ على تواصل
إن شبكة الدعم الاجتماعي التي تحيط بكل واحد منا من أهم العوامل الخارجية المعززة للمرونة، فهي توفر حاجزاً مقاوماً للصدمات ضد الضغوطات.
يساعد الدعم الاجتماعي على إدارة التوتر، ويقدم حلولاً للمشاكل ونوافذ تقود إلى فرص جديدة.
وليس هذا فقط، إذ يُعتقد أن زيادة المرونة النفسية لدى الأشخاص المنفتحين تعود إلى قدراتهم على الوصول للآخرين عندما يحتاجون للمساعدة.
5. مارس الوعي الذاتي
يعتقد 90% من الناس أنهم مدركون لذواتهم، لكن النسبة الحقيقية أقل من ذلك بكثير، وتتراوح ما بين 10-15%.
يمكن أن يساعدك الوعي بأفكارك ومشاعرك على قياس مستويات المرونة النفسية لديك، وتحديد المواضع التي تنحسر فيها مرونتك ويسيطر التوتر وتقوم بتدعيمها.
يعد الوعي الذاتي مكونات الذكاء العاطفي الأساسية، ويشمل أيضاً إدراكك الدائم لمشاعرك وأثرها هي وأفعالك على من حولك.
6. راقب مستويات التوتر لديك
يتعرَّض الجميع للتوتر من وقت لآخر، ويرتبك كثيرون من الإجهاد وتأثيره في المرونة النفسية، بينما يتمكن آخرون من رصد التوتر عند وقوعه والسيطرة عليه.
اعمل على ملاحظة مشاعرك وتصرفاتك عندما تكون متوتراً، واكتشف ما الذي يساعدك على التخلص من التوتر قبل أن يسيطر عليك بالكامل.
تصنِّف مجلة Fast Company المرونة النفسية كواحدة من أكثر الأصول قيمة في العمل، ففي مشهد الأعمال المعاصر المتغير سريعاً، والذي يتميز بالتطورات التكنولوجية غير المسبوقة، والمناخات المتغيرة، والتغيرات الجيوسياسية، تبرز خاصية واحدة كأصل قابل للكسر: المرونة النفسية.
سواء كنت محترفاً أو مستجداً في سوق العمل، فإن مهارة المرونة المتمثلة في القدرة على التعافي من النكسات، والتكيف مع التغيير، وتحويل العقبات إلى فرص، هي أمور بالغة الأهمية لتحقيق الازدهار في سوق العمل المعقد وغير المتوقع.
وتكشف الأبحاث أن الشركات التي لا تنجو فحسب، بل تزدهر، هي تلك التي تتكيف باستمرار مع البيئات الصعبة.
خطوة واحدة فقط تفصلك عن تصفُّح أحدث المقالات في التنمية والإدارة والتسويق الرقمي، ما عليك سوى الاشتراك في نشرة أفق. وإن كان لديك أي استفسار حول خدماتنا في بناء العلامة التجارية والتسويق الرقمي بالمحتوى الإبداعي، لا تتردد بالتواصل معنا الآن!
Opmerkingen