هل لاحظت أن "الاحتراق الوظيفي" واحد من أكثر المصطلحات البارزة منذ بداية 2023؟ وخاصة مع أنباء الاستقالات الكبرى والمفاجئة لشخصيات شهيرة وموظفين من شركات عالمية.
يبدو أن الاحتراق الوظيفي ينضم إلى قائمة أمراض العصر، وربما تمر حالياً بأحد مراحله من دون أن تلاحظ. لكن ليس عليك القلق حول ذلك، لأن هذه المقالة ستساعدك على معرفة ما هو الاحتراق الوظيفي، وعلاماته ومراحله وكيفية علاجه.
ما هو الاحتراق الوظيفي؟
الاحتراق الوظيفي مصطلح جديد نسبياً، صاغه عالم النفس هربرت فرودنبرجر عام 1974. وهو أوسع من الشعور بالتوتر. ويظهر كمرض جسدي وعقلي ونفسي. ويمكن أن تكون له آثار مدمرة إن استمر دون علاج.
عرف فرودنبرجر الاحتراق الوظيفي بأنه: "خمود الدافع أو الحافز، خاصة عندما يخفق تفاني المرء في قضية أو علاقة في تحقيق النتائج المرجوة."
أشار تقرير لمؤسسة غالوب (Gallup-Workhuman) أن 25% من الموظفين في الولايات المتحدة عانوا من الاحتراق الوظيفي أحياناً أو بشكل دائم خلال 2022.
وأظهر استطلاع حديث في الإمارات العربية المتحدة، أن 92% من الموظفين عانوا من علامة واحدة على الأقل من علامات الاحتراق الوظيفي.
علامات الاحتراق الوظيفي
يتعامل أغلب الناس مع علامات الاحتراق الوظيفي كإرهاق عادي، ويحاولون تجاوزه بأسرع وقت ممكن. لكن التعب الناتج عن الاحتراق الوظيفي يختلف عن الإرهاق الناتج بعد أسبوع عمل طويل. ويمكن أن يكون الاحتراق الوظيفي شديداً لدرجة تصيبك بالشلل.
كلما ازدادت شدة الاحتراق الوظيفي ستزداد صعوبة الوفاء بالالتزامات المهنية. ولهذا من الضروري أن تتعرف إلى علامات الاحتراق الوظيفي وكيفية التعافي منه.
صنفت منظمة الصحة العالمية الاحتراق الوظيفي على أنه حالة مرضية، وعرفته بأنه "متلازمة ناتجة عن إجهاد مزمن في مكان العمل لم تتم إدارته بنجاح." ويتم تشخيصه من الأعراض التالية:
شعور باستنفاد الطاقة والإرهاق.
فقدان الحافز والتركيز وعدم الاستمتاع بالعمل والمماطلة.
انخفاض الكفاءة المهنية ومهارات التواصل.
إهمال الحاجات الشخصية والاكتئاب.
إذا وجدت نفسك تكافح لإنجاز مهمات بسيطة، أو تشعر بالإحباط بسهولة من زملائك أو أفراد أسرتك. وتشعر بأنك غير قادر على إنجاز أي عمل. فقد تكون هذه إحدى علامات الاحتراق الوظيفي.
أسباب الاحتراق الوظيفي
عادة ما ترد الإصابة بالإرهاق الوظيفي إلى سبب واحد فقط، مثل بيئة العمل غير الصحية أو ضغوطات الحياة أو سمات خاصة بالشخصية. لكن إذا وجدت أي من الأسباب السابقة مع أحد السمات التالية، تكون فرص إصابتك بالإرهاق أكبر:
الميل نحو الكمال.
المبالغة في التنافس أو المقارنة مع الآخرين.
صعوبة طلب المساعدة أو الدعم.
عدم القدرة على تحديد الأولويات في العمل وتوزيع الجهد.
اعتبار الوظيفة أهم جزء في هوية المرء.
العمل في وظيفتين أو أكثر.
مرض أحد أفراد الأسرة.
مراحل الاحتراق الوظيفي
يقسم الخبراء مراحل الاحتراق الوظيفي إلى خمس مراحل، تبدأ من لحظة حصولك على الوظيفة، وهي:
1. مرحلة شهر العسل
في هذه المرحلة تكون سعيداً بعملك، وتشعر بالإبداع والحيوية، وقد لا تمانع تخطي الغداء أو العمل حتى وقت متأخر لإتمام العمل.
لكن نادراً ما تستمر مرحلة شهر العسل في أي وظيفة جديدة، وهنا يكون عليك تطوير أنماط للحفاظ على إيجابيات هذه المرحلة، مثل تكوين عادات صحية خلالها.
2. الموازنة
في هذه المرحلة تبقى الأمور على ما يرام، لكن الوظيفة تقفد بريقها، وتمر بأيام جيدة وسيئة. وتكون الأيام السيئة أكثر وأثقل.
وقد تلاحظ أنك محافظ على إنتاجيتك، لكنك تستغرق وقتاً أطول للحفاظ على أدائك في العمل. وقد تبدأ بنسيان بعض الأمور أو الإصابة باضطرابات النوم.
3. الإجهاد المزمن
تشعر بالتوتر، وباستياء من طلبات الآخرين سواء في العمل أو المنزل. وقد تشعر بالإرهاق واللامبالاة وتعتمد على الكافيين للصمود خلال اليوم. ولا تستطيع الاستمتاع بعطلة نهاية الأسبوع.
4. الاحتراق
تبدأ بالشعور بالأعراض العقلية والعاطفية والجسدية للاحتراق الوظيفي. وتبدأ بتخطي العمل أو المماطلة أو تجاوز المواعيد النهائية. وقد تفكر في التخلص من عاداتك السيئة والخروج من هذه الحالة.
5. الوقوع في الشرك
في هذه المرحلة تصبح علامات الاحتراق الوظيفي جزءاً منك. ولا تستطيع تذكر حالك قبل الإصابة به. وقد يتم تشخيص أعراضك على أنها اكتئاب أو قلق قبل ملاحظة معاناتك من الاحتراق الوظيفي.
كيف يتم علاج الاحتراق الوظيفي؟
قد يؤدي تجاهل علاج الاحتراق الوظيفي إلى عواقب خطرة للغاية، مثل فرط التوتر، والإرهاق المزمن، والأرق، والحزن، وسهولة الإصابة بالأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكري.
مثل أي حالة مرضية أخرى، يكون علاج الاحتراق الوظيفي بنجاح عبر اكتشاف الأعراض مبكراً والبدء في علاجها فوراً. ومن الاستراتيجيات المفيدة:
1. خذ قسطاً وفيراً من الراحة
يمكنك علاج الاحتراق الوظيفي قبل حدوثه، وذلك عن طريق الراحة والاسترخاء، مارس أنشطة مريحة مثل قراءة كتاب أو تأمل الطبيعة أو الاستماع للموسيقا الهادئة.
ويساعدك أخذ فترات راحة قصيرة، مثل 5 أو 10 دقائق، على الاسترخاء أثناء أداء عملك، وإعادة ضبط مستوى الطاقة لديك.
بعد ساعات من الجلوس، يمكن أن تعيد الاستراحة القصيرة الحيوية إليك، مارس نشاطاً بسيطاً مثل الصعود والنزول على الدرج أو تناول وجبة خفيفة، أو اكتفِ بالتمدد والقيام بتمارين التنفس العميق.
2. مارس الرعاية الذاتية
تتمثل ثلاثية علاج الاحتراق الوظيفي في نظام غذائي صحي، والحصول على قسط وافر من النوم، وممارسة التمارين بانتظام. وعندما تكون طاقتك منخفضة، رتب أولوياتك بحسب مهمات العمل الأكثر أهمية، وخطط مسبقاً لليوم.
3. ضع حدوداً بين العمل والحياة الشخصية
التوزان بين العمل والحياة ضروري، وخاصة إذا كنت تعمل من المنزل بشكل حر أو كموظف. خصص مكاناً للعمل ولا تبعثر أدوات عملك في المطبخ أو غرفة الجلوس، كي لا تتداخل وظيفتك مع حياة أفراد أسرتك.
4. لا تخف من مشاركة مشاكلك
إن كنت تعاني من الإرهاق –وجمعنا نمر بفترات تعب زائد- تحدث عن ذلك مع زميل لك أو شخص تشعر بالأمان والراحة معه. وقد تكتشف أنه يعاني من مشاكل مشابهة.
أيضاً، سوف يساعدك تطوير العلاقات في بيئة العمل على الشعور بالانتماء، وتسهيل طلب المساعدة.
يعتقد كثير من الموظفين أن مشاركة مشاكلهم النفسية مع مديرهم المباشر، هي علامة على الضعف. لكن لا يجب أن تدع الخوف يمنعك من طلب تمديد الموعد النهائي، أو تعديل جدول العمل ليصبح أكثر مرونة مع ظروفك.
اشترك في نشرة مؤسسة أفق لتصلك أحدث المقالات في عالم التسويق الرقمي والإدارة والتنمية الذاتية!
Comments